بقلم: نور الدين عارف

تتلاقى المصالح المشتركة بين مختلف الدول مرة أخرى على حساب الشعب السوري بجميع أطيافه. في تصريح صريح لوزير الدفاع التركي، أعلن أن تركيا ستنسحب من الشمال السوري في حال اتفقت المعارضة مع الحكومة السورية. جاء هذا التصريح نتيجة الجهود المبذولة من قبل الروس والإيرانيين والمصريين والإماراتيين والسعوديين، إضافة إلى الأتراك.

صفقة المصالح والفوضى المتوقعة في الشمال السوري

نتيجة لهذه الصفقة، يتحرك الشمال السوري بسرعة نحو الفوضى والاقتتال، وتصفية الحسابات بين الفصائل المسلحة. من المؤكد أن مصير محافظة إدلب سيكون كارثياً، حيث سيسيطر النظام السوري على إدلب. من جانب آخر، أعلنت الإدارة الذاتية عن إقليم باسم “إقليم المقاطعات”، وتم إلغاء الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا. هذه القرارات والتصريحات لم تأت من فراغ، بل جاءت وفق موافقات ومصالح معينة بين جميع الجهات.

التدخل الأمريكي والتوترات في الجنوب

تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط هذه القرارات والتصريحات، حيث تم استهداف مصفحة روسية بريف درعا في نفس اليوم، واشتباكات بين مجموعة من المهربين والجيش الأردني أدت إلى مقتل ضابط من الجيش الأردني. تسخين المنطقة الجنوبية له دلالات كثيرة وخطيرة جداً. عام 2024 يبدو أنه مليء بالمفاجآت والسيناريوهات على الصعيد الدولي والإقليمي.

تغييرات في سلوك النظام السوري

من الملاحظ أيضاً تغييرات في سلوك وقرارات النظام في دمشق. لأول مرة، يقوم رئيس مجلس الوزراء بالتحرك شبه مستقل عن رئيس الجمهورية بضغط إيراني واضح. هنا نتساءل عن صلاحيات الرئيس بشار الأسد. يبدو أن الأمور تتجه نحو دولة فاشلة في سوريا، مثل العراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان، بجهود إقليمية ودولية.

الصراعات الدولية ومصلحة الشعب السوري

الصراع الروسي الأمريكي، والصراع الأمريكي الصيني، والمصلحة الأوروبية الإسرائيلية تقتضي كل ذلك. نحن أمام وضع معقد جداً، وأعتقد جازماً أن جنوب لبنان ليس ببعيد عن هذه الصراعات. هناك ترتيبات لإنشاء مشاريع نفوذ قوية في المنطقة، وخاصة في سوريا.

دعوة لوحدة الصف السوري

من الواضح أن الشعب السوري أصبح مدركاً بشكل جيد أن أرضه وبلده سوريا أصبحت مرتعاً للهيمنة الاستعمارية الجديدة. أمام هذا الواقع المؤلم، لا نملك سوى وحدة الصف السوري بكل قواه الثورية والمجتمعية والاقتصادية للتحرك سريعاً لإفشال ما يحاك ضد بلدنا سوريا.

النداء الأخير

إذا كانت مصالح تلك الدول تتلاقى في قتل وتهجير وخراب سوريا، ألم تتلاقى مصلحتنا الوطنية في إفشال ما يخططون له؟ أناشد جميع الهيئات والقوى الثورية وحركات المجتمع المدني في سوريا وفي المنطقة والعالم الوقوف صفاً واحداً أمام طغيان النظام العالمي الجديد، الذي يحاول الهيمنة على العالم وعلى مقدرات الشعوب، وإفشال نظم الدولة الواحدة وإنشاء كنتونات ومجتمعات مفككة متصارعة غير آمنة.

الروابط والتقارير الدولية