بقلم: نور الدين عارف
تطور مفهوم الثورة
في بداية القرن الواحد والعشرين، تبدل مفهوم الثورة وتغير بشكل ملحوظ. إذا كانت الثورة في الماضي تعني التغيير الجذري والتحرر من الاستبداد، فإن الثورة اليوم تتضمن التقدم والازدهار في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية. ومع تقدم العالم في مجال التكنولوجيا بعد النصف الأول من القرن العشرين، أصبحت الثورة شاملة لمعظم الدول والشعوب.
الهيمنة الجديدة وقوانينها
لكن مع هذا التقدم، أصبح العالم المتحضر جاهلًا بالحقائق الإنسانية ومعيشتها على الأرض بحرية وكرامة. فقد شهدنا انتهاكات لكل القوانين والأعراف والتقاليد التاريخية من قبل قوى الهيمنة الجديدة التي تسعى للسيطرة الكاملة على العالم. هذه القوى، التي تدير دفة العالم وشعوبه، أصبحت تستخدم المال والاقتصاد كأدوات رئيسية لتحقيق أهدافها.
الطغاة الجدد
اليوم، نحن نواجه مجموعة من الطغاة الذين لا يحترمون الإنسانية ولا الحضارة. هدفهم الأساسي هو السيطرة على العالم بأسره، مستخدمين الاقتصاد والثروات لتحقيق ذلك. ولتحقيق هذا الهدف، يستخدمون كل أدواتهم المعرفية والعلمية لاستغلال قدرات الشعوب والسيطرة عليها. هذا النوع من الاستعمار الجديد يظهر بوجه جميل ويدعي السلمية، لكنه يحمل في طياته استغلالًا مميتًا.
التحديات التي تواجه الشعوب
الشعوب اليوم محكومة بقوانين اقتصادية وزراعية وصناعية وتجارية تعرقل حركتها نحو الثورة. بالإضافة إلى التفكك الأسري والاجتماعي، والعامل النفسي الذي يلعب دورًا كبيرًا في وجود الثورة أو عدمها. كذلك، معرفة الشعوب مسبقًا ببطش حكامها وأنظمتهم القمعية يزيد من صعوبة تحركهم.
التعاون الدولي والسيطرة
تتعاون الدول فيما بينها بأدوار متوازنة للسيطرة على الأراضي الغنية والمواقع الاستراتيجية في العالم. مثال على ذلك، اليمن والعراق وسوريا ولبنان وليبيا وأوكرانيا، حيث تعاني هذه الدول من عدم الاستقرار وتشتت شعوبها.
النفاق العالمي
العالم اليوم ينادي بحقوق الشعوب ويدعي الوقوف ضد الأنظمة القاتلة، ولكنه في الحقيقة هو من يدعم هذه الأنظمة لتحقيق مصالحه الخاصة. الأنظمة الرأسمالية العالمية تستخدم التقنيات العلمية الحديثة لخدمتها فقط، مما يعطل مسيرة التقدم والازدهار العلمي.
الطريق إلى الثورة الحقيقية
حري بالشعوب اليوم أن تبتكر أساليب ثورية جديدة تتماشى مع الظروف الحالية. الثورات السلمية عبر التاريخ كانت أقل كلفة وأقل خسارة وأكثر انتصارًا. ولكن لا معنى للثورة دون قيادة، وأي ثورة تتعدد فيها الأفكار والرؤى والقيادات هي في حكم الموت والفناء.
نماذج من الثورات الناجحة
الثورة الفيتنامية والثورة الكوبية انتصرتا على الغطرسة الأمريكية، والثورة الهندية بقيادة غاندي انتصرت على الاستعمار البريطاني. هذه الثورات نجحت لأن قرارها كان مستقلًا وخاليًا من التدخلات الخارجية.
التحليل السليم لثورات الشعوب
الثورات السلمية هي الأكثر نجاحًا عبر التاريخ، ولكنها تحتاج دائمًا إلى قيادة واضحة. اليوم، في عالمنا العربي، نجد أن تعدد القيادات والرؤى يؤدي إلى الفشل والانقسام، مما يعوق تحقيق الأهداف الثورية.