مشروع دستور لسورية الحرة

بقلم الدكتور كمال اللبواني

المحتويات

أولا: هوية الدولة

1-         سوريا دولة جمهورية مدنية ديمقراطية برلمانية.

2-         علمها يتكون من ثلاثة ألوان : الأسود ثم الأبيض ثم الأخضر ، وفي وسط القسم الأبيض نجمة خماسية حمراء محاطة بهالة صفراء ، طول العلم يساوي 1.62 من عرضه ويقسم عاموديا لثلاث قطاعات متساوية ،

وسلامها الوطني نشيد في سبيل المجد والأوطان             

3-         عاصمتها مدينة دمشق.

4-         لغتها الرسمية اللغة العربية . ويحق لمن لا يجيدها الحصول على ترجمة ، ويحق لكل المكونات القومية استعمال لغاتهم الخاصة الأم . ويجوز اعتماد الوثائق المكتوبة باللغة الكردية الكرمنجية واللغة الانكليزية ، وفتح مدارس تعليمية بهذه اللغات، تعليم اللغة العربية والإنكليزية إلزامي في المدارس الرسمية ، وتعليم اللغة الكردية اختياري .

5-         دولة سوريا جزء تاريخي من بلاد الشام ( نسبة لشام بن نوح ) مهد الحضارات القديمة ملتقى القارات الثلاث ومهد الديانات السماوية، حيث الهوية السامية ثم العربية والثقافة التوحيدية السماوية ، ثم الإسلامية هي هوية وثقافة الأغلبية في هذه المنطقة، ولكنها كدولة لا تقوم على أساس الهوية القومية أو العقيدة الدينية ، بل العقد المدني التوافقي الذي يحترم حقوق جميع المكونات . فهي دولة عقدية لا تقوم على الهوية ( الدينية أو القومية)

6-         لم تكن سوريا بحدودها المعترف بها في الأمم المتحدة دولة مستقلة متمايزة تاريخيا ، بل أنشئت  بقرار  أممي، و لا تشكل حدودها الحالية حواجز طبيعية وفواصل بين التنوع القومي والثقافي والديني والاقتصادي والجغرافي المنتشر مع جيرانها ، كما لم يكن أي جزء منها دولة مستقلة مستقرة عبر التاريخ يبرر تقسيمها لفيدراليات .

لذلك فهي دولة موحدة سياسيا وقانونيا ، حدودها كدولة تقوم على القانون الدولي والاعتراف المتبادل ، و أي تعديل عليها سوف يحتاج لموافقة الأغلبية المطلقة في الاستفتاء العام ، ولا تقبل أن يقتطع من أراضيها أو يحتل أي جزء ، ولا أن تنتقص سيادتها على كامل أراضيها.

7-         سوريا دولة مستقلة ذات سيادة ، تسعى إلى أفضل العلاقات مع محيطها ، وتساهم في التعاون الإقليمي والدولي الإنساني. وفي الجامعة العربية والإسلامية والمتوسطية . وتحترم الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والأمن والسلم العالميين . وتشارك في المؤسسات والجمعيات الأممية وبرامج التعاون الدولي المختلفة ، وتلتزم بالتوقيع على المواثيق الناظمة لها، بما فيها النظام القضائي العالمي . 

8-         الشعب السوري هو شعب متعدّد القوميات، متنوع الديانات والطوائف، لا تقوم دولته على العرق ولا الدين، ولا يقبل التمييز العرقي أو الديني أو الأهلي، وليس فيه أقلية أو أغلبية في مستوى الحقوق والواجبات ، تقوم وحدته على الاعتراف بالتنوع وليس على إنكاره. لذلك يكفل الدستور الاعتراف بكافة القوميات والديانات ، نعدد منها القومية العربية والكردية والتركمانية والآشورية والأرمنية والشيشانية … إلخ 

ويعترف بحرية التعبد وحقوق الديانات المختلفة  الإسلامية والمسيحية، واليهودية ، وغيرها ، و الحقوق الدينية لكافة الطوائف المختلفة ، ويعترف بالتنوع الثقافي الذي يعتبره مصدر غنى ، فسورية لا تقوم على أحادية أو مركزية الثقافة، بل على سيادة القانون الواحد والحقوق المتساوية ضمن إطار الدولة الديمقراطية، فالديموقراطية هي مصدر الشرعية .

9-      الدولة السورية دولة موحدة ذات حكومة واحدة ونظام أمني وقضائي ودفاعي واقتصادي موحد ( مع تنوع الثقافات ) تقر بنظام الإدارة المحلية ، الذي يقوم على التقسيمات الادارية الجغرافية بصلاحيات محلية واسعة ، وعلى حرية العقيدة والرأي والفيدرالية الثقافية. (موحدة سياسيا واقتصاديا ، فيدرالية ثقافيا )

10-       تكفل الدولة لكل مواطنيها والمقيمين فيها احترام هويته وحرية الاعتقاد الديني وممارسة الشعائر ، وتشييد المعابد ، وبشكل متساوي للجميع ، لا تمييز بين أغلبية وأقلية . كما تكفل الحقوق المدنية والثقافية والسياسية لكل المكونات القومية والدينية. ولكل فرد من أفراد المجتمع على السواء.

11-      إلى جانب القومية العربية فإن القومية الكردية قومية أساسية وكذلك القوميات الأخرى خاصة التركمانية والآشورية والسريانية، والتي تعيش معا حياة مشتركة على أرض الدولة السوريّة الواحدة وفق إرادتها الحرّة. ومن الضروري حل القضية الكردية ضمن الأطر الديمقراطية وميزان العدالة ، وفقا للمبادئ السابقة ، وإلغاء كافة القوانين والمراسيم والمشاريع والسياسات التمييزية المطبقّة سابقا بحق الكورد ، ومعالجة أثارها السلبية واعادة الحقوق وتعويض المتضرّرين ، وهذا ينطبق على كل المتضررين من نظام الاستبداد والاجرام .

الشعب السوري يرى أن الحل المثالي للقضايا القومية التي قسمتها الجغرافيا السياسية التي فرضها المستعمر ، يكمن في سياق العولمة والاندماج، وفق مسار تعاون واتحاد اقليمي وليس تقسيمي يطال الدول القائمة.

12-      الدولة السورية تحترم كل الشعوب والقوميات والدول الأخرى، لكنها لا تفضل أن تقيم علاقات صداقة، إلا مع الدول التي تشاركها المبادئ الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، ولا تضطهد شعوبها ولا تعتدي على شعوب أخرى.

ثانيا: النظام السياسي

ثانيا :  النظام السياسي

13-       الشعب السوري بهيئته العامة . هو وحده صاحب السيادة العليا، وهو مصدر كل شرعية وكل سلطة باعتماد النظام الديموقراطي.  ويقيم على الأرض السورية المعترف بها حاليا دولة موحدة سياسيا وقانونيا . ومقسمة خدميا وإداريا إلى محافظات ووحدات محلية غير سياسية. ولسورية دستور يجب أن يحصل على موافقة الأغلبية المطلقة من الناخبين ( النصف+١ لمجموع الهيئة الناخبة ) يرسم لها مفاصل تكوينها السياسي والقانوني كدولة ذات سيادة .

14-       باعتماد المبادئ الديموقراطية يتمثل الشعب السوري سياسيا عبر مجلسين بطريقتين مختلفتين بهدف تحقيق تمثيل أوسع وأكمل لكل من [المجتمع الأهلي عبر مجلس الشيوخ ( الأعيان ) ]،  و [المجتمع المدني عبر (مجلس النواب) ].كما يمكن تمثيل فئات أو قطاعات أو طبقات المجتمع بطرق مختلفة متنوعة أخرى .أهمها مجالس الإدارة المحلية ، ثم الأحزاب والجمعيات والنقابات والأندية ، وهي كلها حرة تعتمد مبادئ الديمقراطية ذاتها في كل سويات العمل الجماعي.

15-       يتكون مجلس الشيوخ من مئة عضو على الأكثر . توزع النسبة المئوية هذه بنسبة القطاعات الأهلية المختلفة ( المكونات الأهلية المعروفة دينيا وعرقيا )  والتي تحددها رغبة كل فرد في الإعلان عن انتمائه الأهلي ، والتي يعلن عنها عند تسجيل اسمه في لوائح تسجيل الناخبين التي تجدد كل سنتين .  ويهمل كل انتماء يحصل على أقل من 2% من تعداد الناخبين المسجلين ، وتهمل أجزاء الواحد.

 ويختار كل ناخب القطاع الذي يريد التصويت فيه ، على أن تعلن مسبقا القطاعات المتوقعة تبعاً لنتائج استبيان خاص ، يحدد الناخب القطاع الأهلي الذي ينتمي اليه ، ويكون بحسب الدين أو المذهب أو القومية أو أي انتماء قطاعي عامودي أهلي آخر . بما فيها قطاع (بدون) أو مدني أو علماني. ولا يجوز لمن سجل اسمه التصويت في قطاع آخر ، وتغيير قطاعه ممكن قبيل الانتخابات القادمة .

16-       يتم الترشيح الاسمي لمجلس الشيوخ (كل قطاع على حده) . حصة كل قطاع من المقاعد بنسبة عدد المسجلين فيه في لوائح التسجيل. وتعتبر سوريا دائرة انتخابية واحدة . ولكل ناخب صوت واحد لمرشح واحد.

17-       عدد أعضاء مجلس النواب مئتي عضو تتمثل فيه الأحزاب السياسية ، التي تتقدم ببرامج سياسية مرفقة بقائمة مرشحين . وتحصل على مقاعد بنسبة الأصوات التي يحصل عليها ( كل حزب برنامجي ) ويجري انتقاء الأسماء حسب تسلسل القائمة المعلن عنها سابقا .  عتبة دخول المجلس النيابي هي 6 نواب أو 3 ٪.  وتعتبر سورية دائرة انتخابية واحدة . وللناخب صوت واحد لصالح قائمة أو حزب.

18-       يجري انتخاب أعضاء المجالس المحلية بالاقتراع المباشر على أسماء المرشحين ، بذات طريقة انتخاب مجلس الشيوخ ، وباحتساب عدد الأصوات لكل مرشح ، ويحق لكل ناخب التصويت لمرشح واحد لعضوية المجلس المحلي .

19-       يحق الترشيح لكل سوري أتم سن 30 سنة ، و( 45  سنة لمجلس الشيوخ فقط) ، وبشرط أن يكون مطبقا للقانون بكلا الحالتين. ولا يجوز وضع شروط أخرى تتعلق بالتعليم والجنس والقومية والدين .

20-       يحق التصويت لكل مواطن سوري أتم سن 18 . ويتم التصويت في مراكز محددة داخل أو خارج الوطن ، أو عبر وسائل الاتصال الحديثة المعتمدة بموجب قانون ، ولا يحرم أي مواطن من حقوقه المدنية إلا بحكم قضائي . ولا يحرم أي موظف أو عسكري من حقه في التصويت. لكن موظفي الأجهزة الأمنية والعسكرية  والقضائية لا يحق لهم الترشيح قبل مرور سنتين من انتهاء خدمتهم .

21-       ينتخب العضو في كل المجالس التمثيلية لمدة 4 سنوات فقط يمكن تجديدها لمرة واحدة فقط .  ويتم تجديد انتخاب نصف العدد كل سنتين ، على أن تجري القرعة بعد سنتين لتحديد من تسقط عضويتهم . ويكرر هذا الإجراء في كل مرة تحل فيها المجالس أو عندما يعاد انتخابها كاملة من جديد. وتضاف المقاعد الشاغرة والمستبدلة للانتخابات النصفية التالية حتما . وذلك للحيلولة دون التقلبات الجذرية السريعة في السياسات .

22-       الاقتراع حق شخصي لا يفوض ولا يمكن توكيله ، ويتم الاقتراع شخصيا بطريقة سرية آمنة . كل تمثيل سياسي يتم عبر الانتخاب الحر المباشر فقط، وهو تفويض لمرحلة واحدة، ولمدة محددة يجدد دوريا كل أربع سنوات على الأكثر . ولا يعتد بالتفويض الذي يتم بالاقتراع غير المباشر أو المتدرج الذي يتم عبر التسلسل ( مراحل) .

 ومن الضروري أن يشرف جهاز القضاء على الاقتراع الحر والنزيه. ويسمح بمشاركة رقابة محلية محايدة من قبل منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان ، وكذلك الرقابة الدولية الأممية . على أن يكلف مجلس الشيوخ بأغلبية مطلقة اللجان القضائية المشرفة. التي تقوم بالإشراف على تطبيق القانون الانتخابي ، وعلى التحكيم والنظر في الطعون والاعتراضات . كما تحدد هذه اللجان أسماء الأحزاب والكتل المقبول مشاركتها في العملية الانتخابية كمؤسسات حزبية سياسية الطابع وفق قانون الانتخاب الذي ينص على قواعد تشكيل التنظيم وشروط تمويله .

23-       يكفل الدستور حق التجمع والتعاون والدعاية وتشكيل الجمعيات المدنية والأهلية والثقافية والدينية والفنية والرياضية والأحزاب السياسية بحرية وشفافية ومراقبة مالية وتنظيمية قانونية . ولكن لا تدخل الانتخابات السياسية النيابية إلا الأحزاب السياسية المدنية القائمة على مبدأ المواطنة ، وفق برامج وطنية ، وتمنع الأحزاب العقيدية القومية والدينية من دخول التسابق الانتخابي. 

وتلتزم الأحزاب المشاركة بالمسابقة الانتخابية بمعايير محددة من الشفافية والحياة الداخلية الديمقراطية، وتلتزم علنية الحسابات والتمويل والمصاريف وبسقف تمويل الحملات المحدد بقانون . كما تلتزم أدبياً بالبرامج السياسية التي تعلن عنها عند تقدمها للانتخابات . وكل ترشيح للمجالس الأخرى غير المجلس النيابي يتم بصفة شخصية، وليس بصفة حزبية ، انتساب المرشح لحزب لا يحرمه من ترشيح نفسه .

24-       تنظم قوانين خاصة الحملات الانتخابية، وتضع قواعدها، بهدف ضمان عدم انحراف التصويت عن هدفه بتأثير المال السياسي ، أو بسبب نفوذ وسائل الإعلام ، الذي يمكنه التأثير على إرادة الناس الحرة .

25-       دوما وبحسب تسلسل قائمة المرشحين المعلن عنها مسبقا قبل الانتخابات ، يحق لكل حزب استبدال من يقدمون استقالتهم أو من يتوفون من ممثليه في المجلس النيابي بالذين يلونهم في القائمة المسجلة قبل إجراء الاقتراع . كما يحق للحزب طلب استبدال عضو أو نصف ممثليه في المجلس النيابي ومن ذات القائمة ، إذا خرج بشكل سافر عن برنامجه السياسي المعلن عنه قبل الاقتراع ، وذلك الاستبدال ينتهي بأول اقتراع قادم .

26-     في حال استقالة أو وفاة أو تعطل مشاركة عضو في مجلس الشيوخ يدعو مجلس الشيوخ لعضويته بدلا عنه التالي حسب ترتيب عدد الأصوات من ذات القائمة القطاعية في مجلس الشيوخ .

27-     لأسباب موجبة يحق لمجلس الشيوخ بموافقة أغلبية مطلقة ( الأغلبية المطلقة هي النصف = واحد من عدد الذين يحق لهم التصويت)  إبطال عضوية نائب فيه واستبداله من ذات القطاع . أو نائب من مجلس النواب واستبداله ، وبموافقة رئيس الدولة.

28-       يناط بمجلس الشيوخ الإشراف على وظيفة الدولة الأولى في تمثيل هوية الدولة وسيادتها وفي حفظ الأمن الداخلي والخارجي. وحماية الحقوق الأساسية التي ينص عليها الدستور ، وتحقيق العدالة وحراسة السلم الأهلي والعيش المشترك والتصديق على المعاهدات والتحالفات الخارجية وإعلان حالة الحرب .

29-       يشرف مجلس الشيوخ على مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية ومجلس الأمن والدفاع الأعلى . وهيئة أمن الدولة وهيئة الرقابة والتفتيش ، ويشرف على عمل ثلاث وزارات هي الدفاع والعدل والخارجية ويحق له استجوابها ، وسحب الثقة من وزرائها من دون سقوط الحكومة .

30-       ينتخب مجلس الشيوخ رئيس الدولة من أعضائه بأغلبية مطلقة، أو بأغلبية نسبية لكن بشرط موافقة المجلس النيابي .  ليمثل البلاد في المحافل القانونية والدبلوماسية الدولية ، ويشرف على سلامة تطبيقه الدستور. وليس للرئيس سلطة تنفيذية أو تشريعية بغير تلك الصلاحيات المحددة دستوريا .

31-       يسمي رئيس الدولة بعد استشارات نيابية ملزمة رئيس الحكومة المراد تشكيلها. على أن تحصل التشكيلة المقترحة منه على ثقة الأغلبية المطلقة في مجلس النواب خلال شهر من التكليف. وتعلن الحكومة بمرسوم من رئيس الدولة خلال ثلاثة أيام، من حصولها على ثقة المجلس النيابي، وفي حال اعتراض الرئيس يعود الأمر لمجلس الشيوخ. الذي يحق له الاعتراض على ثقة مجلس النواب بأغلبية مطلقة من أعضائه، وينظم رئيس الدولة مشاورات ملزمة بين المجلسين لحل الخلاف .

32-     إذا تعذر تشكيل الحكومة مدة ثلاثة أشهر ، يتوجب الدعوة لانتخابات نصفية مبكرة لمجلس النواب تجرى خلال شهرين . بينما تكلف الحكومة السابقة بتصريف الأعمال خلال فترات الفراغ السياسي. وفي حال تكرار التعطيل يصدر رئيس الدولة مرسوما بالدعوة لإعادة انتخاب نصف مجلس الشيوخ .

33-     يحق لمجلس النواب سحب الثقة من الحكومة أو من وزراء فيها بالأغلبية المطلقة ، كما يحق لمجلس الشيوخ طرح حجب الثقة في الوزارات الثلاث ( الدفاع الخارجية العدل ) بأغلبية مطلقة   .

34-       مجلس النواب مكلف أساسا بمهمة الدولة الثانية التنفيذية والإدارية والخدمية والاقتصادية……والحكومة مسئولة أساسا أمامه ومكلفة بتنفيذ قراراته وقوانينه. وتضع الحكومة بالتعاون معه وبموافقته مشاريع القوانين والموازنات والخطط والمشاريع والمعاهدات والعقود . 

 

35-       يحق لرئيس الدولة ترأس جلسات الحكومة ولا يصوت، ويجوز له اقتراح عزل الحكومة أو وزير فيها أو حل المجالس، ويحتاج اقتراحه لموافقة الأغلبية النسبية في المجلسين ، أو أحدهما بأغلبية مطلقة . كما يحق له طرح الموضوع على الاستفتاء العام ، في حال رفض قراره يتوجب عليه الاستقالة من منصبه كرئيس.

36-       يحق لستة أعضاء في أي من المجلسين ، طرح الثقة في الحكومة أو أحد أعضائها أو مجموعة منهم أو برئيسها . وتعتبر الحكومة مقالة في حال حجب الثقة عن رئيسها أو ربع أعضائها. وتعتبر مستقيلة إذا استقال رئيسها أو ربع أعضائها. وتسقط الحكومة بأغلبية مطلقة من مجلس النواب. ولا يسقط تصويت مجلس الشيوخ إلا ثلاث وزراء ( دفاع خارجية عدل)

37-       يحق لكل مجلس الاطلاع على مشاريع القوانين الخاصة المطروحة أمام المجلس الأخر، وكذلك اقتراح التعديلات عليها بمراسلات خاصة ملزمة وسريعة، من دون انتقاص صلاحيات واختصاصات كل مجلس.

38-       كما يحق لرئيس الدولة إيقاف صدور القوانين خلال ثلاثة أيام من إقرارها ويبطل اعتراضه إذا حصلت على أغلبية مطلقة في المجلس المختص أو أغلبية المجلسين النسبية معا.

ويحق له أيضا بالتشاور مع الحكومة اقتراح أسماء أعضاء الهيئة الدبلوماسية وكبار الموظفين واقتراح مشاريع القوانين.

39-       يجري الاستفتاء العام كحكم أخير ، في حال تعذر حل الخلافات بين المجالس أو مع الرئيس ،ويجري بطلب من الرئيس أو من أحد المجلسين بأغلبية نسبية وتعتبر نتيجته ملزمة .

40-      يحق لعشرين عضو من المجلسين مع عريضة موقعة من عشرين ألف مواطن ناخب، من خمس محافظات ، ألف على الأقل من كل محافظة، أن يطلبوا من رئيس الدولة طرح مسألة ما على الاستفتاء العام . ولا تقبل نتيجة الاستفتاء إذا لم يشارك فيه أغلبية من يحق لهم التصويت . ويعتبر استنكاف المقترعين عن المشاركة هو استفتاء بحد ذاته .

41-      تقوم لجنة صياغة دستورية تابعة لمجلس الشيوخ بوضع صيغة الاستفتاء،  ويمكن لطالبية الاعتراض عليها أمام المحكمة الدستورية.

42-       تنظم المجالس التمثيلية طريقة عملها وأساليب دعوتها وانحلالها وانتخاب لجانها بقوانين تنظيمية داخلية خاصة بها, تعدل بأغلبية نسبية فكل مجلس هو سيد نفسه. ويعتبر نصاب النصف ضروري لعقد الجلسات النظامية . والأغلبية النسبية هي أغلبية الحضور ، والأغلبية المطلقة هي أكثر من نصف عدد الأعضاء الكلي .

43-       كل جلسات المجالس التشريعية علنية . إلا ما يقرر المجلس سريتها لأسباب خاصة .

44-       يجتمع كل مجلس خلال شهر من انتخابه ، وينتخب هيئاته بالأكثرية وفي حال تعطل عن العمل مدة ثلاث أشهر متواصلة يعتبر بحكم المستقيل.

 

45-      لا يحق في مراكز الدولة العليا الجمع بين منصبين منفصلين أو بين سلطتين مختلفتين. ولا يجوز لأي مسئول عسكري أو أمني أو قضائي الترشيح لمنصب تشريعي تمثيلي إلا بعد مرور سنتين على تركه لمنصبه التنفيذي .

46-       لا يجوز في أي حال لأي عضو منتخب أو مدير عام أو وزير أو رئيس ، أن يشغل منصبه ذاته لأكثر من دورتين أو ثمان سنوات أيهما أقل .ويعتبر حينها بحكم المستقيل لزوما بقوة القانون الذي ينطبق على مراكز الدولة العليا والإدارة المحلية ، ويعتبر بمثابة عرف عام في بقية المستويات التي فيها سلطة اتخاذ القرار ، وتلحظ ذلك النظم الإدارية للمؤسسات .

47-       في حال تغيب أو عجز أو استنكاف رئيس الدولة أو الحكومة عن مهامه مدة شهر كامل يعتبر بحكم المستقيل … كذلك أي مسئول درجة أولى في الدولة .. وهذا بمثابة عرف عام في بقية المناصب . ويوضع نظام خاص لإجازات المسئولين العادية والصحية .

48-       يحق لرئيس الدولة تسمية نواب له من أعضاء مجلس الشيوخ يكلفهم ببعض مهامه . ويحق له إقالتهم. ويستقيلوا حكما باستقالته ، كما يحق لمجلس الشيوخ الاعتراض، ويصبح اعتراضه ملزما للرئيس بأغلبية مطلقة.

49-       يحق لرئيس الحكومة تسمية نواب له من ذات أعضاء الحكومة للقيام ببعض مهامه أو ترأس الجلسات في غيابه ، ويحق له تكليف وزير بالوكالة عن وزير آخر.

50-       يحق لرئيس الدولة منح العفو الخاص ، ويمكن لأي من المجلسين إبطاله بأغلبية مطلقة في أول جلسة يعقدها بعد صدوره . ليصبح نافذا بعد انعقادها بشرط اعلامه رسميا من قبل الرئيس .

51-       يقر مجلس الشيوخ قانون العقوبات الجزائية بأغلبية نسبية ، وقانون العقوبات الجنائية بأغلبية مطلقة ، ويحق لمجلس الشيوخ منح العفو الخاص أو العام الجزئي أو الكامل ، ويحتاج هذا القرار إلى أغلبية مطلقة في الجنايات .

52-       يقر الدستور باستفتاء عام يوافق عليه الأغلبية المطلقة من الهيئة الناخبة، والدستور أعلى من القانون وأدنى منه المرسوم ثم القرار التنفيذي ، ثم التعليمات ، أما تسلسل قوة الأمر التنفيذي فهي بحسب التراتب الوظيفي واللوائح التنظيمية للدولة والمؤسسات ، كما أن القانون الدولي أعلى من القانون المحلي بمستوى الدستور . والمعاهدات الدولية لها قوة القانون بعد إقرارها في المجالس.

53-       يمكن للمجلسين معا بأغلبية مطلقة تعليق العمل بمادة دستورية أو أكثر أو إضافة مادة أو أكثر دون اللجوء للاستفتاء العام، ويكون هذا الإجراء مؤقتاً ومحدودا بمدة زمنية أقصاها سنتين تحتاج بعدها لتصويت جديد أو أن تطرح على الاستفتاء العام . ولا يصبح أي تعديل دستوري ساريا بشكل دائم، من دون حصوله على الأغلبية المطلقة في الاستفتاء العام. الذي يجب أن يجرى كل فترة للبت في التعديلات المؤقتة أو المقترحة .

54-      تعلن حالة الطوارئ أو الحرب بقرار من مجلس الشيوخ أو باجتماع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الدولة. ويتوجب عرضها على مجلس الشيوخ خلال 15 يوم . على أن تحاسب الحكومة على سلوكها أثناء حالة الطوارئ التي تنتهي حتما بعد 15 يوما . إذا لم تجدد من قبل مجلس الشيوخ أو تلغى قبل ذلك بقرار منه . واستمرارها مدة تتجاوز الشهرين يتطلب موافقة المجلسين معاً . وبعد أربعة أشهر تحتاج لأغلبية مطلقة من مجلس الشيوخ وعادية من النواب ، وبعد ستة أشهر لابد من موافقة الاستفتاء العام على استمرارها على ألا تتجاوز السنة في أي حال من الأحوال ، حيث يتوجب إجراء انتخابات برلمانية تجديدية ملزمة حينها .

55 –      يجوز التدرج في مستوى حالة الطوارئ من الأصفر إلى البرتقالي إلى الأحمر ، أو تطبيقها جزئيا على مناطق محددة ، وتحدد القوانين درجات حالة الطوارئ ونوعية الإجراءات الجائزة في كل درجة منها .

56-       الإدارة المحلية ثلاث مستويات   :  المحافظات –المناطق والمدن- البلدات أو القرى. ولكل منها مجالسها المنتخبة ، وتختص المجالس المحلية بمهام تنفيذية وإدارية وخدمية غير سياسية أو قضائية . ولها بنود خاصة في الموازنة العامة ، ولها موازنتها الخاصة وتمويلها الذاتي أيضا .وتخضع لقرارات المجالس الأعلى منها …والحكم في المنازعات بينهما هو مجلس الشيوخ.

57-       يتم الترشيح لمجالس الإدارة المحلية بشكل اسمي لشغل أعداد محددة من المقاعد بحسب عدد السكان ، ولكل ناخب صوت واحد لمرشح واحد . ويتم تجديد المجالس بشكل نصفي بذات طريقة مجالس التشريع، وفي حال استقالة مجلس محلي يمكن إجراء انتخابات جزئية محلية.  

58-       في كل مجالس التمثيل والتشريع يجب أن يكون على الأقل ثلث أعضائها من أحد الجنسين.

59-       لا تمييز من حيث الجنس ( الذكر والأنثى ) أو الدين أو القومية عندما يتعلق الأمر بشغل منصب تشريعي أو تنفيذي في كل مستويات الدولة الأعلى والأدنى. ويرفض مبدأ المحاصة القومية والطائفية في كل مستويات الدولة ، ولا يقبل إلا في مجلس الشيوخ فقط ، فهو المعبِّر الوحيد عن هذا التقسيم الأهلي وهو الضامن للعقد المدني المبرم بينها .

60-      كل مؤسسة وتنظيم وجمعية تقوم على أساس أهلي ( جغرافي ديني طائفي قومي قبلي) تمارس نشاطها السلمي في المجتمع بحرية ، لكن بعيدا عن المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية الرسمية للدولة .

 

ثالثا: النظام الحقوقي والقانوني

آ- الحقوق السياسية

61-       يقوم مفهوم الدولة على تفويض كل فرد لحقه المشروع في الدفاع عن النفس إلى سلطة قانونية ، تنوب عن الجماعة ، وتمارس باسمها هذا الحق بانتظام ضد كل ما يهدد السلم الأهلي أو النظام العام ، وتحتكر هذه السلطة حق استخدام القوة والإكراه والمراقبة والمعاقبة بقيود قانونية دقيقة، وعليها الخضوع هي ذاتها إلى ضوابط ومعايير صارمة تمنع تعسفها وانحرافها وطغيانها وفسادها. وعليها تقديم كل الضمانات التي تكفل نزاهتها وحرصها على تطبيق القانون الذي ارتضاه الشعب لنفسه بحرية وتمثيل صحيح، على الجميع بشكل متساوي وفوق كامل أراضي سيادتها.

62-       الأصل في السلوك هو الحرية والإباحة والسماح … إلا السلوك الذي يهدد السلم الأهلي ، الذي يستوجب الدفاع عن النفس ضده . والذي يتم منعه بقانون صريح.   فالأصل في السلوك هو الإباحة إلا ما ينص القانون صراحة على منعه ، والأصل في القانون هو تطبيقه الدائم وبفعالية وعلى الجميع وبذات الطريقة ، ويشرف على حسن تطبيق القانون جهاز قضائي نزيه ومحايد ، وجهاز أمني تنفيذي مرتبط به ، والأصل في الاتهام بمخالفة القانون هو البراءة حتى ثبوت العكس وفق إجراءات قضائية ذات معايير عادلة تبيح حق الدفاع عن النفس .

63-       فيما عدا ما يهدد السلم الأهلي من سلوك، يمارس المجتمع على أفراده سلطته المعنوية/غير الإكراهية\ فقط . والتي تعتمد مفاعيل العرف والعادة والترغيب والعيب والحرام . ولا يجوز للقوانين ، أو السلطة القضائية أو السياسية ، أو لقوة الإكراه المادي أو الترهيب المعنوي أن تستعمل لتقييد حرية الناس، والانتقاص من حقوقهم الطبيعية التي تجعلهم أسيادا ومسئولين أحرار ، طالما هم لم يهددوا السلم الاجتماعي بشكل واضح . أو يهددوا النظام العام بشكل سافر ، هنا يجب أن نخص بالذكر ما يتعلق بالعقيدة والرأي والتعبير واللباس والطعام وحاجات الجسد والنفس والعلاقات الشخصية والأسرية والاجتماعية القائمة على التراضي .

64-       على نظام العقوبات القانوني أن يلتزم مبادئ الوقاية والإصلاح والمغفرة قبل مبدأ القصاص والردع ، وعلى العقوبة أن تتدرج من التنبيه والتعزير والتغريم المادي وخدمة العلم والمجتمع قبل أن تصل للسجن التربوي التأهيلي ، ثم السجن الاحترازي الذي يعزل أصحاب السلوك الخطر والشخصيات المرضية المنحرفة ،  والذي هو مصح بدرجة ما ،  وأن يتم الامتناع تماماً عن كل ما يمت للتعذيب في التحقيق وفي العقوبة، وكذلك التنكيل والإهانة والانتقام ، وأن يلحظ أيضاً أثر العقوبة على ذوي السجين وتعويضهم ما أمكن عن تضررهم . فوظيفة الدولة منع الجريمة وليس منع الخطيئة ومراقبة الضمائر .

65-       واجب الدولة الثاني هو خدمي إداري تنظيمي اقتصادي . يهدف إلى رفع سوية الحياة الاجتماعية، وتأمين خدمات وامتيازات ما كانت لتُحَصّل من دون حياة مدنية حضارية تنظمها مؤسسات ، وهو ما يميز الدولة الحديثة عما سبقها من أشكال للدولة ، وهو ما يجعل من الديمقراطية شرطا واجباً لنجاحها ، وما يجعل من غياب الديمقراطية كارثة حقيقية على الدولة الحديثة التي تتمتع بإمكانات جبارة في السيطرة والتحكم ، وتستطيع التدخل في أدق تفاصيل حياة كل فرد فتحوله إلى عبد وآلة، وتفقده كل إنسانيته وكل ما يعطي معنى للعيش، إذا لم توجد ضمانات كافية ضد الاستبداد والطغيان .

66-       على القانون الجنائي والجزائي أن يلحظ مسؤولية الفرد عن سلوكه كفرد ، كذلك مسؤولية المؤسسة عن سلوكها كمؤسسة رسمية أو غير رسمية ، ومن ثم مسؤولية كل فرد موظف فيها بحسب دوره في الخطأ المرتكب بواسطتها . وعندما يكون المجتمع كله مؤسسة واحدة ((دولة)) يصبح هو أيضا مسئولا عن سلوك الدولة أمام الدول الأخرى وأمام كل فرد من أفرادها هو أيضا. فخطأ الدولة، أو الجهاز الرسمي ، أو الجهاز القضائي الأمني هو خطأ غير مبرر ، يتحمل مسؤوليته كل عضو فيه، وكل مواطن تحكم الدولة باسمه، ويقع عليه واجب إصلاحها وإصلاح نظامها ، وتعويض المتضرر منها ، وهو مسئول عن صواب سلوكها . عضوية الفرد في مؤسسة لا تلغي مسؤوليته الشخصية ، ولا تشكل له حصانة من أي نوع مهما كان منصبه أو دوره …فلا أحد ولا مؤسسة فوق القانون ، ولا أحد غير مسئول أخلاقيا عن المؤسسة التي يعمل بها ، وهذا الشرط مكمل لاحترامه كمواطن سيد وليس عبد وفق منهج النظام الديموقراطي الذي يعتبر الشعب سيد ومصدر لكل السلطات . وتتحمل الدولة مسؤولية أيضا في تنشئة وتهذيب الأجيال ، وتتكفل بالتعويض المادي على كل المتضررين من فشلها في واجباتها التربوية .

 

67-       في حضور الهيئة العامة للشعب في حيز الفعل المباشر والتظاهر العارم في مواجهة السلطة ، تسقط كل سلطة لأنها مفوضة منه ، وبتحقق الديمقراطية المباشرة تسقط كل ديمقراطية تمثيلية …وتصبح أجهزة الدولة تحت تصرف عامة الشعب وإرادته المباشرة. ولا تعود ملزمة بإطاعة رؤسائها ، بل ملزمة بحماية الشعب من الاستبداد … ولا يحاسب أي موظف عن تمرده إذا تصرف بوحي من ضميره ، بحضور الشعب كجمهرة ، وبوحي من الحقوق الطبيعية ومن قسمه . لان حقوق الفرد والإنسان هي شرط مسبق لأي عقد اجتماعي أو دستور أو قانون … ولا شرعية لأي سلطة تقوم على تجاهلها أو انتهاكها … الاستنكاف عن تنفيذ الأوامر التي تتعارض معها لا يعتبر جريمة قانونية ، بل تطبيق للقسم الوظيفي .

68-       واجب السلطة هو التعبير عن إرادة الشعب. وواجب الأمن والجيش هو الدفاع عنه …والدفاع يبدأ من الفرد مرورا بالهيئة الاجتماعية العفوية والتطوعية ، ثم المؤسسات الأمنية الخاصة المرخصة ، وصولا للمؤسسة الرسمية ، لذلك يحق لكل فرد ترخيص حيازة السلاح والتدريب عليه بشروط خاصة يحددها القانون . كما يحق له الدفاع عن نفسه بنفسه وبوسائله ،  في حالة التعرض للخطر الداهم . الذي تعجز السلطات أو تفشل في درئه عنه ، كما يجوز له طلب عون الآخرين للدفاع عن النفس ( فالهيئة الاجتماعية الشعبية هي وسيلة الدفاع المشروع الأساسية ) . ويجوز للغير مساعدته في الدفاع في هذا الظرف الطارئ … وفي حال انقلبت المؤسسة الأمنية على دورها وواجبها وتكليفها ، توجب التخلي عنها والانضمام لصفوف الشعب . الذي يحق له مقاومتها كما يقاوم أي عدوان وعصابة ..  فشرعية المؤسسة تأتي فقط من خدمتها للشعب . وتسقط فيما عداه . وطاعة السلطة السياسية مشروطة بالشرعية المستمدة من الشعب ، وبالدستور والقانون الذي يحدد مسؤولياتها وواجباتها ، والتي تعتبر فوق الأوامر الصادرة عن رؤسائها ، فالجندي وعنصر الأمن ليس روبوت ولا يجوز أن يمارس ما يعلم أنه انتهاك للقانون والدستور ( كتعذيب السجناء أو الإعدام الميداني أو إطلاق النار على المتظاهرين …. ) . 

69-       على الدوام وفي كل الأحوال تأتي شرعية ممارسة القوة أو العنف فقط من حق الدفاع عن الحياة ومستلزماتها الملحة والحرجة … وكل هدف آخر للعنف هو غير مبرر وهو عدوان مرادف للهمجية . مهما كان نوع أو هدف أو مكان هذا العنف ، فالحضارة الإنسانية لا تقوم على العنف ولا على صراعات القوة، بل على توافقات الحق والعدل والسلم والتعاون والضوابط الأخلاقية، والعنف مبرر فقط بحق الدفاع ، ولا يجوز للدولة شن العدوان على دول أخرى تحت ذرائع غير ذلك ( مصالح قومية ، أو غيرها … ) .

70-       الدين الذي يسكن الضمير ، والأخلاق الإنسانية العامة هي الضمانة الحقيقية للحياة الاجتماعية الحضارية . التي تقوم أساسا” على رقابة الذات والضمير، واحترام التعهدات والآخر، والحق والمشترك الجمعي القيمي الذي تزرعه التربية والعقيدة الدينية وتحمله الثقافة. أما سلطة القانون فهي مجرد حصن خارجي مكمل لا تعمل بفعالية في حال غياب سلطة الثقافة المعنوية والمادية .

71-       الإيمان والعقيدة والضمير شيء شخصي غير خاضع للتصويت ، وغير قابل للمساومات، ولا يمكن فرضة بقوة السلطة، أما صناديق الاقتراع فهي وسيلة لحسم خلافات الآراء وتباين المصالح ، والسياسة هي تسويات بين المصالح وبناء للتوافقات ، لذلك كانت السياسة وأدواتها شيء مختلف عن الدين وأدواته، وسلطتها غير سلطته. والنظام الديمقراطي هو الذي يكفل كلاهما دون تعارض ودون أن يلغي أحدهما الآخر. بحيث تكون سلطة الدين هي سلطة الإيمان والضمير والقناعة والاحترام التي تعمل من داخل الإنسان ووفق سلطة المجتمع المعنوية ، وسلطة القانون هي سلطة الإكراه والإجبار التي تمارس عليه من الخارج بفعل جهاز ضبط وإلزام ، وتدّخل رجال الدين مباشرة في القرار السياسي أو القضائي يعتبر مخالفا” من حيث المبدأ للدستور الديمقراطي الذي يكفل لكل مواطن حرية الضّمير .  وحقا” متساويا” مع غيره في المساهمة بالحياة السياسية ومتعادل معه أمام القانون ، فالمفروض أن تعبر الحياة السياسية عن إرادة الناس الأحرار في عقائدهم وضمائرهم وآرائهم ، تلك التي لابد أن تؤثر على خياراتهم السياسية. فتمر سلطتها عبر صناديق الاقتراع، وليس عبر سلطات الفقهاء والمرجعيات المباشرة .

 

ب- الحقوق الشخصية

72-       المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات والفرص ، ولا توجد حصانة لأحد أمام القانون مهما كان منصبه .

73-       الحقوق ليست بحاجة إلى تراخيص من أي نوع ، وكل قانون يحاول أن يقيد الحقوق أو الحريات العامة هو مشروط باحتمال جدي لتهديد السلم الاجتماعي أو انتهاكه للقانون الجنائي .

74-       الدولة تكفل حرية النقد السياسي وانتقاد الشأن العام والشخصيات العامة والمسئولين من دون شروط ولا قيود. وتضمن حرية الرأي والمعتقد ، وتميز بين هذا الحق وبين ضرورة احترام مقدسات الغير طالما أنها لا تتولى سلطة سياسية ، لكن عندما تبرر أي سلطة وممارسة سياسية بالمقدسات ، تصبح هذه المقدسات متاحة للانتقاد وكافة صنوف التعبير .

75-       تكفل الدولة حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والنشر والوصول إلى المعلومات وإجراء الحوار الثقافي والفكري والفلسفي والديني والنشاط الفني والأدبي والمسرحي والموسيقي …والتراسل والاتصال والتعليم والوصول لمصادر المعرفة والفكر والفنون والأخبار وشبكة الانترنت، وهذا ينطبق على وسائل الاتصال ، ولا يجوز تتبع ولا التنصت على أي شخص من دون قرار قضائي يجيز ذلك لأسباب يحددها القانون .

 .

76-       تكفل الدولة حق التظاهر والإضراب والامتناع عن العمل والاستقالة …والقضاء هو الحكم بالتعويضات.

77-       وتكفل حق التملك والتعاقد الحر والسفر والعمل ونقل الملكية والتوريث وسرية الحياة الخاصة . ولا يحد هذا الحق إلا حكم قضائي .

 

78-       وتكفل كرامة الإنسان، وحقوق الطفل وعدم التمييز بين الذكر والأنثى ، وحد أدنى من مستوى الدخل والتعليم ، وتقديم المساعدة المجدية في الكوارث والبطالة والفقر والعوز والبؤس والتشرد والعجز والمرض والشيخوخة، وفي حالات اللجوء الإنساني والاضطهاد السياسي.

79-       من حيث المبدأ الإعلام حر ، ولكن بسبب دوره المتزايد في تكوين الرأي العام ، لذلك توجب على الدولة ضمانة أخلاقيات العمل الإعلامي بكل أنواعه، مثل حالة تزوير الحقائق أو الكذب المقصود العلني الذي يهدف لإلحاق الضرر بمجموعة أو فرد، أو النفاق المبرمج أيديولوجيا لتشويه الرأي العام ، وتعمل على وضع الضوابط ضد فساد الإعلان ، أو تلاعبه برغبات أو وقت المشاهد أو إفساد حياته الخاصة ، أو تسريب المعلومات التي تصنف سرية … وتشدد عقوبة من اقسموا اليمين من المسئولين في حالة الكذب المشهود على منصات الإعلام .

80-       الاقتصاد حر في التجارة والصناعة والعمل ،  والدولة مقابل ذلك تكفل أخلاقيات التعامل الاقتصادي الحر هذا ، من قبيل سلامة تنفيذ التعهدات والسندات ، وحماية صناديق التقاعد والتأمين والادخار ، وتنظيم الإفلاسات، وحماية المستهلك والمتعامل من الغش والاحتيال والاحتكار والتزوير والتلاعب ، ومحاربة التشبيح والتهريب والتهرب الضريبي وغسيل الأموال، كذلك تعمل على وضع الضوابط ضد طغيان الاقتصاد الوهمي على حساب الاقتصاد الحقيقي ، وتقوم بالتدخل الفاعل بالأزمات عبر صناديق خاصة تشرف الدولة على إنشائها لاستخدامها في الطوارئ. . ويجب أن ترعى الخصوصية في الشأن المالي ، طالما لا يوجد خرق للقانون .

81-       الأرض والجو والبحر والموارد الطبيعية والبيئة هي ملكية عامة للدولة ، وقد تمتلك الدولة أيضا عقارات ومؤسسات ووسائل إنتاج،  وتعتبر الملكية الخاصة للأرض والعقارات الثابتة حق مكفول بسند من الدولة، أما الأشياء المنقولة والاستهلاكية فتمتلك بالحيازة ولا حاجة لسند يثبت ذلك ، كما يحق للأجانب الإقامة والتملك والاستثمار والعمل ولكن بحسب ما ينظمه القانون الذي عليه أن يعطي الأولوية لمصالح الوطن العليا ولاستقلاله .

82-       لا ضريبة من دون قانون ولا ميزانية ولا صرف من دون مستند قانوني . وتلتزم الحكومة بتقديم حساباتها الختامية بشكل صارم للمجالس التشريعية لتصدر هذه الحسابات الختامية بقانون أيضا”، وتكون دوما متاحة للجمهور ، ولمجلس الشيوخ في حال كونها سرية .

83-       تلتزم الدولة بالتوقيع على المواثيق والعهود الخاصة بحقوق الإنسان والحقوق المدنية والسياسية والثقافية وحقوق الطفل ، والمرأة ، ومناهضة التميز والتعذيب والعنصرية والإرهاب والجنايات الدولية والفساد وغسيل الأموال والإتجار بالبشر والمخدرات . وما يتعلق بالبيئة والصحة العالمية وكل ما يستجد في هذا السياق.

84-       يخضع من يتولون المسؤولية إلى أفضل معايير النزاهة والشفافية ، مقابل حصولهم على الصلاحيات والميزات الخاصة والكافية التي تحصنهم ، وتشدد عقوبة كل من يحنث بالقسم الخاص بهذه المناصب.

85-       نص القسم:

أقسم ( بالله العظيم ) أن أحترم الدستور والقانون وأن أعمل مخلصا” لمصالح الوطن العليا، وأتعهد بأن أقوم بواجبي كاملاً بنزاهة وأمانة وشرف تجاه الشعب .

86-       لا يجوز إجبار أي مواطن على أداء أي مهمة أو عمل من دون أمر قضائي ، أو من دون إعلان حالة الطوارئ ، كما لا يجوز احتجاز أو مصادرة أي أملاك إلا بالقانون وبشروط تعويض عادلة.

87-       كل المهام التنفيذية والأمنية والعسكرية يقوم بها موظفون محترفون ، ويجوز تدريب قوات احتياطية على مهام دفاعية من المتطوعين ، أو مقابل أجر مادي ، أو من الملزمين إجباريا بالتجنيد بموجب قانون خاص تقتضيه الضرورة ، على أن تستدعى هذه القوة للخدمة عند الحاجة للدفاع المدني أو للجيش ، ولا يجوز فرض الخدمة الإلزامية في غير حالة الطوارئ ، أو بحكم قضائي .

 

ج- الإجراءات القضائية

88-       تعتبر وزارة الداخلية مسئولة عن مهمة الأمن العام وتنفيذ القرارات القضائية ، وتطبيق النظام العام وحفظ الأمن والسلامة العامة، ومراقبة حسن تطبيق القانون والتعليمات وتنفيذ الأوامر، ولها أجهزة مختلفة متخصصة بكل نوع من هذه المهام ،  ويحق لها تنظيم الضبوط الفورية بالمخالفات المشهودة، وإحالتها للضابطة العدلية فورا وخلال ساعات إذا وجد في القضية موقوفا، وفي كل توقيف يجب أن تتلى على الموقوف تهمته ويتاح له الاتصال بزويه وطلب حضور محامي .

89-       لوزارة العدل سلطة تنفيذ القانون والأحكام القضائية بواسطة الضابطة العدلية التي تتألف من عناصر أمن قانونين مدربين يقومون بمهام الضبط والتحقيق ، والاعتقال وحراسة السجون. ويعملون بأمرة قضاة النيابة العامة. التي هي جسد واحد يرأسه مدعي عام الدولة.

90-       فقط فيما يخص المخالفات العسكرية الخاصة بالجيش، تقوم الضابطة العدلية العسكرية بمهام الضابطة المدنية على العسكريين ، بينما تجري كل الإجراءات القضائية العسكرية بذات الطريقة المدنية وبذات المعايير في مستوى البداية ، أما في المستوى الثاني والتحكيم فالقضاء واحد ومتاح لكل مواطن مدني أو عسكري لا فرق بذات المعايير . والدستور يمنع قيام المحاكم الاستثنائية والخاصة .

91-       تنقسم مراحل الإجراءات القضائية وكذلك الجسم القضائي إلى مستويين:

أ‌-          مستوى البداية وله عدة اختصاصات . مدنية وجزائية وإدارية . 

ب‌-        مستوى التحكيم وهو أعلى منه وله أيضا” عدة اختصاصات ،  ولابد فيه من وجود هيئة محلفين محايدين، وله دائرة تختص بدراسة طلبات الطعن بالأحكام .

92-       تبدأ الإجراءات القضائية بضبوط من الداخلية أو من الضابطة العدلية . أو بإحالة من النيابة العامة . أو بطلب مباشر من قضاة التحقيق .

يعمل مستوى البداية مع النيابة العامة على تنفيذ القانون مباشرة ، وفي حال الاعتراض على قراراته أو فشل التوصل إلى تسويات قانونية مرضية للأطراف المتنازعة تستأنف القضايا إلى المستوى الثاني التحكيمي . الذي هو بدوره قابل للطعن وإعادة المحاكمة ، قبل أن يأخذ الصفة القطعية النافذة ، وبعد ذلك يبقى قابلا للمخاصمة ، أمام مجلس القضاء الأعلى الذي يشرف عليه مجلس الشيوخ ، ثم رئيس الدولة كمرجع أخير والذي هو فقط من يصادق على تنفيذ حكم الإعدام ، وكل ذلك ضمانة ضد الظلم. ويجوز البدء بتنفيذ الأحكام القضائية الابتدائية على أن يعوض كل من تثبت براءته فيما بعد أمام التحكيم القضائي ،

وتحدد القواعد والأصول ومدد التوقيف وحالاته بقوانين ناظمة ، ولا يجوز التساهل في حجز الحرية دون أسباب موجبة فعلا”، ولا بد للقوانين أن تترك الباب مفتوحا لاستبدال عقوبة السجن أو تخفيفها مقابل تعويضات أخرى ، كلما سمحت الفرصة بذلك، كما يجوز استبدال السجن بالخدمة المدنية أو العسكرية بشروط معينة . ولابد للسجون من أن تخضع للرقابة ، وأن تكون الإجراءات داخلها متناسبة مع نوعية السجناء وظروفهم بحيث تحقق الهدف الإصلاحي إضافة لهدف العزل أو العقاب والردع ، وكذلك مستوى خدمات السجن وظروف الإقامة فيه ونظام الزيارات ، ويعتبر جرم التعذيب والإهانة والإخفاء من الجنايات التي تشدد عقوبة فاعليها من حراس السجن،

93-      تتشكل هيئة أمن دولة مركزية تختص بجمع المعلومات وإجراء الدراسات وتقديم المقترحات الخاصة بالأمن الوطني وتتعاون مباشرة مع رئيس الحكومة ، ويشرف عليها مجلس الشيوخ ، وليس لها سلطة على المواطنين إلا عبر المؤسسة القضائية .

94-      تتشكل هيئة عامة مركزية للإنشاء والتعمير تعمل مباشرة مع رئيس الحكومة وتكون بإشراف مجلس النواب .

95-     تتشكل هيئة رقابة مركزية يتفرع عنها هيئات رقابية فرعية وتفتيش داخلي تراجع بشكل مستمر أداء الأجهزة وتقترح التوصيات ، وتحيل ما تراه ضروريا” للنيابة العامة ، ويشرف عليها مجلس الشيوخ وتخضع الحكومة لسلطتها الرقابية ، كما يجوز افتتاح مكاتب قضائية تنفيذية في إدارات الدولة للبت مباشرة في الشكاوى والخلافات .

وتتشكل ضمن هيئة الرقابة المركزية فرعا لتخطيط الدولة وتطويرها.

96-      تلتزم السلطات بأعلى معايير النزاهة والفاعلية، ويتمتع كل مسئول بالحرية الكافية والصلاحيات اللازمة للقيام بواجبه ، واتخاذ قراره الذي يعتبر مسئولا” عنه مسؤولية مباشرة”، ولا يجوز التدخل بعمله من قبل أجهزة أخرى ، ويعتبر ملزما بتقديم استقالته من مهمته أو منصبه ، أو قبول اقالته منه في حال فشله، ويتحول هذا إلى عرف إداري في كل المستويات .

97-      يتوجب دوما إعادة النظر ومراجعة كل قانون أو إجراء تزداد نسبة مخالفته ، ويتوجب إعادة هيكلة وتنظيم الإدارات عند تدني فعالية أدائها .

  • ملحق للمادة ٩٧
  • يجوز التزام الصمت عند التحقيق ،
  • للشركات الخاصة الحق في اختيار موظفيها وفق معاييرها الخاصة .
  • في الوقت الذي يمنع فيها الفرد من استخدام العبارات (العنصرية، والتمييزية مثلا) لا يجوز اجبار شخص على قول ما لا يؤمن به ( مثل تأييد المثليين )

رابعاً : الخاتمة

98-       لا يشترط دوما” النص الحرفي لكل الحقوق في المواد الدستورية ، حيث من الممكن إجراء القياس على الروح العامة للنص و روح المواد القانونية ، حين يتعذر ذكر كل الحالات بسبب الكثرة… وهذا عرف عام يمكن أن يتبع في القضايا المشابهة .

99-      لا يمكن للدساتير الديمقراطية أن تنجح إلا إذا ترسخت الثقافة الديمقراطية، ووجدت الإرادة الحقيقية عند الجميع في جعلها تعمل ، وقُدمت المساندة لها من عموم الناس والمجتمع المدني ، وتهيأت أيضا” الظروف الاقتصادية والأمنية المسهلة . كما لا ينجح أي قانون من دون رصيد شعبي كاف يحوله إلى عيب ومكروه ، فالعلاقة بين الثقافة والسياسة علاقة حميمة، والثورات هي التي تحدث القفزات النوعية الكبيرة في الأنظمة والثقافات معا”.

100-       يدرس هذا الدستور في المدارس وقبل منح الجنسية ويطرح للاطلاع العام ، كما يتوجب في المدارس التعريف بالقانون والنظام العام ، وأن تعرض قرارات الدولة وموازناتها في وسائل الإعلان الرسمية .  

101-      إنه ميثاق للحرية وحقوق الإنسان وللدولة المدنية الديمقراطية ، ودستور للثورة السورية المظفرة بإذن الله . التي بدأت في 15 آذار 2011 , كتبت مسودة هذا الدستور في سجون الاستبداد مع بداية الثورة ، ثم نقحت عشية انتصارها في الحركة المدنية السورية وجهاز مكافحة الإرهاب … وتقدم كمساهمة للرأي العام .   

والله الموفق .